تطالعنا أروقة العدالة يوميا بأنباء السجن والمتابعات القضائية في حق العديد من رؤساء المجالس الشعبية البلدية، ومن عاصرهم من ذوي الفساد الأكبر بتهم مختلفة تتعلق بسوء استغلال السلطة والنفوذ، و بالفساد وتبديد الأموال، ولا تكاد تخلو ولاية من ولايات الوطن من التوقيفات وإعمال سيف العدالة على رقاب من ائتمنهم الشعب على أصواته ومصالحه، ولازال الحبل على الجرار.
الرئيس لا يمتلك ألف عين على دهاليز البلاد، والرقيب على بلديات الجمهورية لن يصل إلى سبر أغوارها مهما أوتي من نفاذ وبصيرة،
المواطن التشاركي وحده من يملك سلطان القبض على خطايا المير وحاشيته لأنه الأقرب والمعني بشؤون بلديته طالما سكنه ومأواه وجودة حياته مرتبطة بالمجلس الذي ينظمها أو يوردها موارد الهلاك، وهو الحلقة الأبرز في نجاح ضراوة الحرب على المفسدين، فإذا غيب نفسه عن موقع الحرب سيتحمل وحده وزر الفساد، ولا يكفي أن نتبرم من جهل أعضاء البلدية الذين يسممون حياتنا اليومية بالأفعال وصنوف من الخداع والوحشية التي تقع على حاجيات الناس، ثم ننتظر الخلاص من المركز، فعندما تجد ثروات أعضاء البلدية أكثر من ميزانية بلدياتهم لا يسعك سوى النطق بالسؤال الفظ كيف نقاتل عدوا ملكناه زمام أمورنا ومنحناه الأمان باسم الديمقراطية والعهد الانتخابي؟
إن التواطؤ غير المعلن بين البسطاء و اللصوص يتمثل في الصمت الذي يجابهون به فساد مجالسهم ، ويمنح الجرأة لأميار الجحيم في التفنن الملون بين أنواع الفساد من سرقة واستئثار بالمشاريع، ولا أدل على ذلك من سيرة المواطنين في زمن العصابة الماضية، حين كانوا يفتقرون إلى الشجاعة في التبليغ على الفساد، ويمارسون دور الضحية تحت يد جاهل منتخب يرتكب الفضاعات باسم الشعب.
لقد بلغ الفساد والتبذير مبلغهما إلى درجة الشرخ بين العدالة الإجتماعية و التوازن التنموي، وبقي عليك فخامة المواطن أن تبلغ عن فساد المير وحاشيته، بلغ رسالتك فإن لم تفعل فإن الحفر التي تهلك سيارات الشيوخ المعتاشين من مهنة النقل ستزداد عددا واتساعا في الدروب الوعرة وداخل الأحياء والأزقة، وسيتضاعف ثمن الصهاريج التي يقتلعها الفقراء من لحومهم ورغيف أبنائهم، بسبب مقاول لا ينفذ مشروعه في الآجال المحددة، وسيأكل أبناءك الخبز الحافي في مدرستهم، وسيغني حسين الجسمي على حظ بلديتك من الإنعاش الإقتصادي والإجتماعي، بلغ رسالتك، لأن الكرنفال إنتهى، والدشرة لن تتحمل مزيدا من مزامير الفساد.