وباء كوفيد وضع الحراك في ثلاجة، وأرهق قطاعات الدولة في مشهد متخبط يعكس النية الطيبة في النهوض بمفاصل الدولة وثقل الحمل على حكومة فتية لم يزل عود أعضائها هشا ومفتقرا للمراس والخبرة، حكومة في المهد تكتفي بردود الأفعال بدل الرؤية ووضوح الدور، وتشتكي للشعب ثقل الحمل و الأخطار التي تسببها ثورة مضادة تسعى إلى إجهاض مسيرة التغيير كما يتردد في خطابات الرئيس وكبار المسؤولين في الدولة كان آخرهم رئيس المحكمة العليا.
الحالة الجزائرية لم ترقى أبدا إلى ثورة حتى تجابه بثورة مضادة، بل حدث حراك شعبي قام ضد استمرار زمرة بعينها تقبضت على واجهة الحكم،
وكان قياما عاصفا اختلطت فيه مطالب التغيير بحروب التموقع وافتكاك قلب النظام من براثن الأجنحة المتطاحنة وإن كانت فكرة الأجنحة مليئة بالتصورات الشعبوية الساذجة، طالما أن العصب تتكتل بشكل اعتباطي قائم على المصلحة الوجودية وانعدام الرؤية، في ظل يقين شعبي مفاده أن أقصى الحراك ومنتهاه تمثل في إسقاط الخامسة، وأنه ضمن استمرارا سلسا لمؤسسات الدولة، وإن كان بأشخاص تمرسوا في دواليب السلطة، ولم يكونوا قوة طارئة أفرزها الشعب من خارج الإرث النظامي.
تسعى الحركات الثورية إلى إحداث انتظام فئات الشعب من أجل تغيير الاوضاع، وضمان حشد الشعب من أجل تغيير السلطة تغييرا جذريا يمس الرموز والممارسات التي تفشت في فترة ما قبل الثورة، فهل قام الحراك الشعبي على هذا المنطلق؟، لا يمكن الجزم بذلك طالما ان هناك تيارات ترفض صعود قوى تهدد وجودها داخل مفاصل الدولة، لدرجة ان يشتكيها النظام نفسه للشعب، وحين تتداعى هذه التيارات لوأد المنجز الذي حققه الحراك، فإن الشعب مطالب بالتصدي لهذه التيارات سدا لذريعة إعادة عداد التغيير إلى نقطة الصفر، أو إرجاع الوضع أكثر سوءا مما كان عليه قبل الحركة الشعبية التي تسمى جزافا بالثورة.
أصبح الشارع يتقاذف العديد من التوصيفات مثل عودة الدولة العميقة و إعلام الكيان الموازي، حتى النخبة وقعت في فخ المصطلح وأصبحت تمارس التسطيح في وصف مآلات الحراك، والثابت ضمن هذه التحولات هو أن الشعب نجح في الحفاظ على المؤسسات، فهل سينجح في التصدي للثورة المضادة من القمة إلى إدارته المحلية وبلديته وحيه.
مروان طيب بشيري