لا زالت ثقافة الإهمال والتجاهل مكرسة في مناطق الظل بالمقارنة مع الولايات التقليدية المعروفة بالإستئثار الكامل للاهتمام، ويذكر الجميع حفرة بن عكنون التي استنفرت كافة السلطات بالعاصمة ليلا نهارا، ولعل الكارثة البيئية التي تعرفها بلدية الطواهرية منذ ربع قرن تبعث على القلق من مدى التمييز الذي يشعر به سكان إحدى بلديات دائرة ماسرة التابعة لولاية مستغانم في أكبر كارثة بيئية وصحية لا زالت تستنزفهم رغم استمرار الخطر وكثرة الاحتجاج بلا جدوى.
على الرغم من أن بلدية الطواهرية تعد قطبا فلاحيا ضمن ولاية مستغانم المعروفة بمساحاتها الخضراء وشريطها الساحلي
الذي يعد أطول شريط ساحلي في الجزائر يقدر 126 كم، إلا انها تضم مستودعا يحتوي 19 قبوا مليئا بالمواد الفلاحية السامة والمنتهية الصلاحية، إذ تحتوي على مواد مسرطنة غاية في الخطورة، وحصدت العديد من الوفيات بمرض السرطان جراء انبعاث السموم والمواد الكريهة من تلك الأقبية منذ سنة 1996، أين ناشد السكان منذ تلك الفترة السلطات بإيجاد حل لهذه المواد الكيمياوية المخزنة، وهي عبارة عن أدوية فلاحية تم تركها دون أدنى مسؤولية طيلة أكثر من عقدين من الزمن.
البلدية وفي إطار إيجاد حل لهذه المواد قامت بتعيين مؤسسة مختصة في تخليص المكان من هذه المواد، أين عاينت المستودع والأقبية وفحصت المواد المخزنة وسلمت تقريرا يقضي بوجوب تخصيص ميزانية تفوق مليارين و800 مليون سم لتطهير الأقبية وتخليص سكان البلدية من تلك المواد الخطيرة وحماية السكان من تأثيرها على الصحة، إلا أن البلدية لا تمتلك المبلغ المطلوب وبقي المواطنون أمام عجز البلدية يفقدون ذويهم بشكل مستمر، على الرغم من الشكاوى المتعددة وتحميل مديرية المصالح الفلاحية نتائج هذه الكارثة البيئية والصحية، في ظل غياب مديرية البيئة وتقاعس لجنة الصحة على مستوى المجلس الشعبي الولائي بمستغانم.
انتشار مرض السرطان في الأسر التي تقطن بمحاذاة المستودع، ووفاة العديد من أبنائهم حرم عليهم مزاولة نشاطاتهم الفلاحية لانشغالهم بمتابعة الوضعية الصحية لأبنائهم المتضررين من الانبعاثات السامة، على الرغم من أن بلدية الطواهرية قدمت نماذج ناجحة لمستثمرين بولاية مستغانم في مختلف الشعب من إنتاج للخضروات و الحليب ناهيك عن مساهمتهم في إنعاش الثروة السمكية والتي تعد من بين أهم المستثمرات في الولاية والتي نجحت في الاستغلال الأمثل للمؤهل الطبيعي وكذا المؤهل العلمي في ولاية مستغانم.
المواطنون ببلدية الطواهرية استنفذوا كافة أشكال الاحتجاج والمناشدة لتخليصهم العاجل من المواد الفلاحية المسرطنة، وينتظرون حلا عمليا ووقفة جادة من السلطات العليا بعد أن خذلتهم السلطات المحلية.